رجب طيب أردوغان يطوق السعودية ويثير رعب حلفائها
الملحمة: سياسية إدارية عالية أديرت بحرفية من الذئب التركي رجب طيب أردوغان و الثعلب هاكان فيدان تدرس فى فن إدارة الأزمات
أسماها بعضهم بالملحمة سياسية إدارية عالية أديرت بحرفية مذهلة من الذئب التركي رجب طيب أردوغان و الثعلب هاكان فيدان تدرس فى فن إدارة الأزمات.
فالسعودية التى تناصب أردوغان العداء وشاركت مع الإمارات فى دفع مليارات الدولارات لتدبير محاولة إنقلاب فاشلة ثم ضخ عشرات المليارات لهز الإقتصاد والعملة التركية. وقعت أخيرا فى براثن الثعلب وقد كانت تدبر عملية قتل خاشقجى على أرض تركيا لهز الأمن التركى وفقدان الثقة لدى مؤيديه وناخبيه.
تجثو الآن ذليلة راكعة فى انتظار صدور الحكم عليها كفأر وقع فى المصيدة ينتظر حتفه.
حادثة اغتيال جمال خاشقجي:
جاءت حادثة اغتيال وتقطيع الصحفى الشهير جمال خاشقجى داخل السفارة السعودية هدية السماء التى وقعت فى حجر اردوغان ليصنع منها ملحمة سياسية وإعلامية يمسك بكل خيوطها شدت أنظار العالم كله كمسلسل بوليسى تلهث خلفه الأنفاس بتسريب بعض معلومات الجريمة بطريقة التنقيط واطالة أمد التحقيقات والمناورات ولتعذيب الضحية نفسيا وللخروج بأكبر قدر من المكاسب السياسية.
وقد تمت إدارة الأزمة بحرفية هائلة حيث التزم أردوغان فى تصريحاته لغة القانون والهدوء ولم يخرج عنها وجعل الأزمة قانونية بحتة تخضع للتحقيق بعيدا عن أي مزايدة سياسية وأ مسك بخيوط اللعبة بمفرده رغم مناداة الأمريكان بالمشاركة فى التحقيقات والذين كانوا سيثيرون اللغط حول الجريمة لمحاولة إنقاذ رقبة بن سلمان بحسب رغبة ترامب الذى يريد حلب البقرة حتى آخر نقطة فى ضرعها.
وبرغم العداء، السعودي لأردوغان فإنه قبل التحدث إلى الملك سلمان وحادثه بود وقبل بمشاركة فريق سعودى فى التحقيقات بدهاء كى يطلعهم اثناءها على التسجيلات التى بحوزته والتى تثبت الضلوع فى الجريمة.
اقرأ أيضا: محمد بن سلمان اتصل بجمال خاشقجي قبل لحظات من قتله
مواقف ترامب خلال الأزمة:
فى بداية الأزمة بدا ترامب مضطربا مشدوها ثم قرر أن يجد وسيلة لإنقاذ البقرة الحلوب فبدأ يدلى بتصريحات تبعد الجريمة عن بن سلمان وتلصقها بجهات مجهولة وهو ما قابله أردوغان بمزيد من التسريبات والتى كانت ترسل إلى القنوات الأمريكية مثل CNN وكذلك إلى كبرى الصحف الأمريكية مثل النيويورك تايمز والواشنطن بوست وأيضا إلى دور الصحف الكبرى المؤثرة فى العالم وأشعل بها أردوغان الرأى العام العالمي مع إمساكه بكافة الخيوط.
حينما سافر وزير الخارجية الأمريكي بومبيو إلى السعودية لإيجاد تسوية وغادرها بعدها إلى تركيا وقبل وصوله إلى مطار أنقرة لفرض مساومة تم معاجلته بتسريب هو الأخطر بذكر تقطيع خاشقجي بمنشار من جانب الطبيب الشرعى على صوت الموسيقى ليثير الرأى العام الأمريكى والعالمي ويضع ترامب فى موقف حرج خاصة وأن انتخابات التجديد الكلي لمجلس النواب الأمريكى والثلثي لمجلس الشيوخ تحل بعد أسبوعين وهو السبب فى إطالة أردوغان أمد التحقيقات للضغط على ترامب وقد أطلع أردوغان بومبيو على تسجيل الجريمة والذى نقله بدوره إلى ترامب.
المناورة:
وفى خضم الأزمة استغل أردوغان الموقف وعرض على ترامب إطلاق سراح القس برانسون والذى كان يحتجزه كورقة سياسية للعب بها مقابل الإفراج عن مدير بنك تركي محتجز لدى أمريكا وكذلك إنهاء، العقوبات التجارية التى فرضتها أمريكا من عدة أشهر وقد كان له ما أراد لعلمه بحاجة أمريكا إلى تركيا فى الملف السوري والذى طردت منه روسيا أمريكا وأصبحت اللاعب الأساسي فيه بجانب إيران وتركيا
وقد ضرب أردوغان اسفينا بين ترامب وأعضاء حزبه وبين حزبه وخصمه الحزب الديمقراطي لإضعاف موقف ترامب مادعا عدد من أعضاء الكونجرس للتقدم بطلب للتحقيق فى الجريمة وفرض عقوبات على السعودية بوقف بيع السلاح لها. فيما تم إرسال الرئيس المصري إلى روسيا كى يطالب بوتين بالضغط على أردوغان لإنهاء الموضوع وديا أو بعقد صفقة ولم يستجب بوتين للطلب الأمريكى بل وصرح بأن أمريكا تتحمل جزء من المسئولية.
ذلك الموقف الحرج الذى وضع فيه أردوغان ترامب بدهاء ومكر أرغم الأخير على أن يغير موقفه المتخاذل أمام الجريمة 180 درجة حرصا على عدم خسارته مقاعد مجلسي النواب والشيوخ وهو ما بدا فى تصريح ترامب الأخير المتشدد حيال السعودية من أنها ستواجه بعقوبات بالغة.
الملف السوري:
كذلك استغل اردوغان الأزمة وارتباك ترامب وأثار موضوع منبج فى الملف السوري وهدد بعدم التعاون مع الأمريكان حال تباطؤهم.
تفكيك الحلف:
أردوغان يريد تفكيك الحلف السعودى الأمريكى الإماراتى المصرى وإجبار ترامب على فرض عقوبات على السعودية تضرب اسفينا فى العلاقات بينهما وتثبت للمملكة أن المتغطى بالامريكان عريان وهو ما أدركته الكويت حال الأزمة من ابتزاز صريح من جانب أمريكا للسعودية وان الدور لاشك قادم عليها فسارعت بعقد معاهدة واتفاقية دفاع مشترك مع تركيا منذ أيام وهو أحد أكبر مكاسب أردوغان من الأزمة إذ أنه يضع قدم تركيا فى الخليج ويصنع لها تحالفا مع قطر والكويت وبالمقابل يفكك التحالف القائم بين أمريكا والسعودية والبحرين وقد تشهد العلاقات التركية السعودية عقب انتهاء، الأزمة تحسنا وتقاربا أكبر.
هكذا أدار الثعلب التركي الأزمة بحرفية نادرة بأسلوب التنقيط والتسوية على نار هادئة خرج منها بكل المكاسب وردع خصومه وأعلى من شأن سياساته لصالح بلده.