فيدور دوستويفكسي حياته – كتاباته
حياة فيدور دوستويفكسي حياته – كتاباته
من مذكرات آنا غريغوريفنا زوجة الكاتب فيدور دستويفسكي
اعتبر فيودور دوستويفسكي الطفل الثاني من سبعة أطفال ولدوا لـ ميخائيل وماريا دوستويفسكي. كان والده جراحاً متقاعداً مدمناً على الخمور سريع الانفعال، يعمل في مستشفى مريانسكي للفقراء في أحد أحياء موسكو. كانت المستشفى مُقامة في أحد اسوأ أحياء موسكو. حيث مثّل هذا الحي مقبرة للمجرمين، ومحمية للمجانين، ودار أيتام للأطفال المتخلى عنهم من قبل أهاليهم. وقد كان لهذه المنطقة التأثير القوي على دوستويفسكي الصغير الذي أثار شفقته وانتباهه اضطهاد وقلق الفقراء. ورغم منع أهله لذلك، فيودور كان يحب أن يتمشى في حديقة المستشفى، حيث كان المرضى يجلسون ليتلمسوا بعضا من أشعة الشمس. فيودور كان يستمتع بالجلوس إلى هؤلاء المرضى والاستماع لحكاياتهم.
الأب ميخائيل كان استبداديا في التعامل مع أبنائه. عند عودته من العمل، يأخذ غفوة بينما يأمر أبناءه بالصمت المطلق، والوقوف بالتناوب جانبه وهو نائم “نوما خفيفاً” ليبعدوا الذباب عن وجهه. في كل الأحوال، من وجهة نظر يوسف فرانك، كاتب سيرة دوستويفسكي، إن شخصية الأب في رواية الإخوة كارامازوف ليست مبنية على أساس شخصية الأب دوستويفسكي. الخطابات والحسابات البنكية تبين أنهما كانا يتمتعان بعلاقة حسنة ووديّة.
أُرسل دوستويفسكي وأخوه إلى أكاديمية الهندسة الحربية في سانت بترسبرغ، بعد فترة وجيزة من موت أمه بمرض السل في عام 1837، ليتوفى والده في إثر ذلك بسنتين، ومن المعتقد أنه قد تم قتله على يد رقيقه، بطريقه غير مباشرة، غضبوا وسخطوا خلال واحدة من انفجاراته العنيفة الناتجة عن الشراب، فكبلوه وقاموا بسكب شراب الفودكا في حلقه إلى أن اختنق. وفي رواية أخرى أخرى ذُكر أنه مات لأسباب طبيعية، ولكن أحد الجيران اخترع قصة القتل ليشتري أملاكه بمبلغ زهيد.
صفة الأب المستبد أثرت بشكل كبير في كتابات دوستويفسكي. وكانت واضحه جدا في الشخصية ” فيادور بافلوفيك كرامازوف”، المهرج العاطفي والشرير، الأب للشخصيات الأربع الرئيسية في روايته لعام 1880 “الأخوة كرامازوف”.
رابط تحميل كتاب حياة دوستويفسكي
حياة دوستويفكسي مذكرات آنا غريغوريفنا زوجته
دوستويفسكي كان مصابا بالصرع، وأول نوبة أصابته عندما كان عمره 9 سنوات. نوبات الصرع كانت تصيبه على فترات متفرقة في حياته، ويعتقد أن خبرات دوستويفسكي أدت إلى تشكيل الأسس في وصفه لصرع الأمير “مايشكين” في روايته “الأبلة”، بالإضافة إلى آخرين.
في أكاديمية الهندسة الحربية في سانت بترسبرغ، تعلم دوستويفسكي الرياضيات التي يحتقرها. في كل الأحوال تعلم أيضاً الأدب من “شكسبير، باسكال، فيكتور هوجو، وإي.تي.أيه هوفمان”. بالرغم من أنه اهتمّ بمواد أخرى غير الرياضيات، تمكن من تحصيل درجات جيدة في الاختبار وحصل على تكليف في 1841. السنة التي عُرف أنه كتب فيها مسرحيتان رومنسيتان، من وحي الكاتب المسرحي والشاعر الرومانسي الألماني ” فريدريك ستشيللر”. كانت المسرحيتان: “ماري ستوارت” و”بوريس جودونوف”. المسرحيتان لم تحفظا. مع أن دوستويفسكي كان يبجل “ستشيللر”، إلا أنه في السنوات التي أنتج فيها جل كتاباته وأفضل رواياته كان عادة يعبث ويهزل به.
ترقى دوستويفسكي إلى ملازم أول عام 1842، وترك كلية الهندسة السنة التالية. وأكمل ترجمة رواية “أوجيني غراندي” لأونوريه دي بلزاك، عام 1843، ولكنها لم تجلب له غير القليل من الاهتمام. قام لاحقا بالكتابة إعتمادا على خياله الخاص (في نهايات 1844، بعدما ترك الجيش). في عام 1845، أنتج روايته القصيرة “الفقراء” وضمّنها رسالةً مهمة، نشرت في مجلة “المعاصرة” وتقبلها الناس بتهافت قوي. دخل مدير تحرير المجلة، الشاعر “نيكولاي نيكراسوف” إلى المكتب وأعلن “لقد ظهر جوجل جديد، يقصد نيقولاي غوغول (كاتب روسي مرموق) “، وقد أيده بلينسكي وأتباعه والكثير، بعدما اكتملت الرواية ونشرت في كتاب، ومنذ يومها الثاني، أصبح دوستويفسكي من الأدباء المشاهير وهو في الرابعة والعشرين من عمره.
في عام 1846، “بلينسكي” والكثير غيره لم يتحمسوا روايته “المـِـثـل” عن دراسة نفسية لموظف حكومي، يبدله غروره ويفقده حياته. بدأت شهرة دوستويفسكي تهدأ وتبرد. معظم أعماله بعد “الفقراء” قوبلت بآراء مختلفة، وبدا وقتها أن تنبؤات “بلينسكي” بأن دوستويفسكي سيصبح أحد أفضل كتاب روسيا، كانت خاطئة.
تم القبض على دوستويفسكي وزج به إلى السجن في 23 أبريل من عام 1849، لكونه أحد أعضاء جماعة التفكير المتحرر “جماعة دائرة بتراشيفيسكي”، . بعد الثوره في عام 1848 في أوروبا كان القيصر “تسار نيكولاس”، جافا وقاسيا في التعامل مع أية جماعات تعمل في الخفاء، والتي أحس أنها من الممكن أن تهدد الحكم الفردي المتعامل به. في 16 نوفمبر من تلك السنة، كان دوستويفسكي ومعه باقي أعضاء “جماعة دائرة بتراشيفيسكي” قد حكم عليهم بالإعدام. بعد عملية إعدام زائفه، والتي خلالها أوقف دوستويفسكي مع باقي الأعضاء في الخارج في أجواء متجمدة منتظرين فرقة الإعدام لتقوم بالحكم. تغير حكم الإعدام على دوستويفسكي إلى أربع سنوات من النفي مع العمل الشاق – بالاضافة إلي التجنيد أربع سنين ولكن بعد 8 أشهر شفع له بارون عند الإمبراطور حتي رقي لظابط ثم إلي ملازم ثان مستعيدا بذلك حقوق النبالة ولكن لم يسمح له بالذهاب إلي العاصمتين سانت بطرسبرغ وموسكو. بعد سنين شرح دوستويفسكي لأخيه المعاناة التي تعرض لها عندما كان “يغلق عليه التابوت”. وصف له الثكنات العسكرية المتداعية، والتي كما وصفها بكلماته عندما كتب “كان من المفترض أن تهدم منذ سنين”.
في الصيف، أجواء لا تطاق، في الشتاء برد لايحتمل. كل الأرضيات كانت متعفنه. القذارة على الأرض يصل ارتفاعها إلى بوصة (مايعادل 2.5 سنتمتر). من السهل أن ينزلق الشخص ويقع… كنا محزومين كالسردين في برميل… لم يكن المكان كافيا لتستدير… من المغرب إلى العشاء، كان من المستحيل أن لا نتصرف كالخنازير… البراغيث، القمل الخنافس السوداء كانت متواجده بالمكيال…
-
وفاته
عاش دوستويفسكي الأعوام الثمانية الأخيرة من حياته في مدينة ستارايا روزا بمحافظة نوفغورود بشمال غرب روسيا. وتعد هذه المرحلة مثمرة في نتاجه الأدبي حين أبدع روايات “الشياطين” عام 1872 و”المراهق” عام 1875 و”الإخوة كارامازوف” عام 1880. وذاع صيته في روسيا كلها وخاصة بعد إلقائه كلمته المشهورة في مراسم افتتاح تمثال الشاعر الروسي العظيم الكسندر بوشكين في موسكو. لكن المجد الحقيقي وإكليل الغار نزلا على دوستويفسكي بعد وفاته. واعترف الفيلوسوف الألماني المعروف فريدريك نيتشه أن دوستويفسكي كان بالنسبة له سيكولوجيا وحيدا جديرا بالتعلم منه.
فارق دوستويفسكي الحياة في 11 فبراير/شباط عام 1881 ودفن في كاتدرائية ألكسندر نيفسكي في مدينة بطرسبورغ التي كانت آنذاك عاصمة للإمبراطورية الروسية. ومشى في جنازته ثلاثون ألف شخص تقريباً، وعم الحزن روسيا كلها.
كان دوستويفسكي إنسانًا أبيًا وعنيدًا في الدفاع عن معتقداته، وقد ترك ذلك كل بصماته على أعماله.
رابط تحميل كتاب حياة دوستويفسكي
حياة دوستويفكسي مذكرات آنا غريغوريفنا زوجته