عندما كان راشد الغنوشي يقرب بين التيار القومي العربي والتيار الإسلامي في بداية التسعينيات، كان حسني مبارك وبن علي يعملون جاهدين من أجل عرقلته ومنعه من نشر وتوطيد علاقاته العربية والإسلامية ولم يفلحوا…
وقتها كان قيس سعيد يحاضر عند بن علي، نعم سيدي الرئيس، عندنا رئيس واحد في البلاد (في الحقيقة بعد الثورة أصبح عندنا 3 رؤساء) يهتم بالمسائل الخارجية والدفاع ولكن هناك شيء في العرف السياسي الدولي والوطني اسمه الديبلوماسية الشخصية (استعمال العلاقات الشخصية من أجل ربط علاقات دولية) مثلما أن هناك ديبلوماسية الجنائز (خدمة العلاقات الدولية في جنائز الشخصيات الفنية والسياسية)…
كان من المفروض لرئيس الدولة أن يستدعي راشد الغنوشي (ولن يجد أحسن منه في توضيح خيوط اللعبة الدوليه في تلك المنطقة) ويتشاور معه حول موقف تونس من الأحداث والتطورات الأخيرة على الساحة العسكرية والميدانية في القطر الليبي الشقيق، ولكنه للأسف لم يفعل وتلكأ فأخذ الغنوشي المبادرة وهاتف السراج، ومهما يكن فحوى هذا الاتصال (وأنا على يقين أن الغنوشي لن يجرؤ على مخالفة الديبلوماسية التونسية)، كان على الرئيس قيس سعيد أن يوظفه لصالح تونس، وليس ينعزل في قصره ويتهم هذا بمرض القلوب وذاك بعدم التفريق بين الشرعية والمشروعية.
قيس سعيد، لي لك كلمة واحدة، السياسة تدار بالذكاء والكياسة وليس بالمصطلحات العلمية والأكاديمية، انزل عن برجك الجامعي العاجي وضع حذاءك في الوحل (وحل اللعبة الدولية التي تتطلب وحدة وتنسيقا بين كل القوى في البلاد) قبل أن تتجاوزك الأحداث وتخرج كاسبقيك من الشباك الصغير بعد أن دخلت ذلك المكان من الباب الواسع الكبير.
المهدي بن حميدة
في 25 ماي 2020