أزمة غير مسبوقة، تلك التي يواجهها إقتصاد البلاد في الفترة الأخيرة، وما لايخفى على الكثيرين أن الأزمة الإقتصادية وليدة سياسات هي الأغرب في التاريخ التونسي أو البشري بشكل عام، فمن الطبيعي أن تكون كذلك عندما تصدر القرارات المصيرية عن الانقلابي قيس سعيد الذي أتى من كوكب آخر متحدياً أن يقوم على إدارة البلاد بمؤسساتها وجميع ملفاتها بصفة فردية دون أي استشارة من أحد، وهو ما يتم خلال إصدار القوانين التي أصبحت بالنسبة له بمثابة نزال الشطرنج الذي خسره بالفعل ليضطر بعد ذلك للهرب والتحرك بصورة عشوائية متخبطة ويعلن عن قرارات غير منطقية لا يلقي لها بالا لأنها لن توقع ضرراً شخصياً عليه بل ستودي بالبلاد إلى الهاوية (كش ملك) في لغة الشطرنج.
وفي مرحلة ما بعد أن يصل الخناق إلى حد معين وتنفذ الخيارات، تصدر صورة تامة الوضوح تكشف حقيقة الشخص، كذلك هو الحال مع سعيد الذي تعرى سياسياً وفكريا وأثبتت الأيام أنه لايفقه سوى التباطوء في خطاباته لسماع التهليل من مؤيديه الذين صمتوا تماماً ولم يستطيعوا مجاراة تهليلهم يوم أمس إبان إعلان المتحدث باسم صندوق النقد الدولي “جيري رايس” عن الصندوق في الآونة الأخيرة، طلبا للمساعدة من الحكومة التونسية الجديدة، مشيراً إلى مباحثات تقنية جارية “لتحديد الأولويات الإقتصادية للبلاد”، لكنه لم يتمكن من تقديم جدول زمني على هذا الصعيد، مما يعني أن مستقبل البلاد أصبح على المحك وأن السفينة التي قام سعيد بخرقها مراراً أصبحت على مشارف الغرق، لأن أي قرار قادم للصندوق يرفض فيه التعاون مع تونس، دون أرضية سياسية صلبة، فإن البلاد لن تكون قادرة على تغطية فجوتها المالية في الموازنة العامة.
إذا، أصبحت الصدمة هي المسيطرة على الجميع وحتى على سعيد نفسه الذي استوعب مصيبة ما فعله لكنه لازال مكابراً ولا زال يسعى لإنقاذ نفسه وإيهام الجميع بأنه المنقذ، حتى أنه لم يبادر بإعلان الطلب عبر صفحاته الفيسبوكية أو عبر إعلان رسمي من الحكومة او حتى بيان عبر التلفزة الوطنية، لأن صدمة الواقع كبيرة لا يستطيع أمثال سعيد من المتملقين تحملها او بالكاد تحمل مسؤولية أخطاءهم وقراراتهم الساذجة، لكن مع استمرار تلك القرارات والسياسات التعنتيه وطريقة الإدارة البدائية، فإنه حتماً سيتسبب في سقوط مدوي لا يتمناه أي أحد يحب هذا الوطن.